كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}، الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: سَبَقَ فِي الْآيَاتِ قَبْلَ هَذِهِ أَنَّ الْيَهُودَ حَكَمُوا بِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَهْدَى سَبِيلًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ مِنَ الْحَسَدِ وَالْغُرُورِ بِأَنْفُسِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، فَهُمْ فِي شَرِّ حَالٍ، وَيَعِيبُونَ مَنْ هُمْ فِي أَحْسَنِ حَالٍ، فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَنْ يَضِيقَ فَضْلُ اللهِ بِعِبَادِهِ، وَلَا يُحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ فَضْلٌ أَكْثَرُ مِمَّا لَهُمْ أَوْ مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ لِمَا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْغُرُورِ بِنَسَبِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ مَعَ سُوءِ حَالِهِمْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: هَلْ غَرَّرَ هَؤُلَاءِ بِأَنْفُسِهِمْ تَغْرِيرًا، أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فِي هَذَا الْكَوْنِ فَهُمْ يَمْنَعُونَ النَّاسَ، فَلَا يُؤْتُونَهُمْ مِنْهُ نَقِيرًا، أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا أَعْطَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ؟ أَيِ: الْعَرَبُ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا وَالْعَرَبُ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ وَلَدِهِ إِسْمَاعِيلَ، وَقَدْ كَانَتْ ظَهَرَتْ تَبَاشِيرُ الْمُلْكِ الْعَظِيمِ فِيهِمْ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ؛ فَإِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ مُتَأَخِّرَةٌ، وَكَانَتْ شَوْكَةُ الْمُسْلِمِينَ قَدْ قَوِيَتْ، فَالْآيَةُ مُبَشِّرَةٌ لَهُمْ بِالْمُلْكِ الَّذِي يَتْبَعُ النُّبُوَّةَ وَالْحِكْمَةَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَالَ الْيَهُودِ يَوْمَئِذٍ كَانَ لَا يَعْدُو هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ: إِمَّا غُرُورٌ خَادِعٌ يَظُنُّونَ مَعَهُ أَنَّ فَضْلَ اللهِ مَحْصُورٌ فِيهِمْ، وَرَحْمَتَهُ تَضِيقُ عَنْ غَيْرِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ مِنْ خَلْقِهِ، وَإِمَّا حُسْبَانُ أَنَّ مُلْكَ الْكَوْنِ فِي أَيْدِيهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَحُونَ لِأَحَدٍ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَوْ حَقِيرًا كَالنَّقِيرِ، وَإِمَّا حَسَدُ الْعَرَبِ عَلَى مَا أَعْطَاهُمُ اللهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ وَالْمُلْكِ الَّذِي ظَهَرَتْ مَبَادِئُ عَظَمَتِهِ، انْتَهَى مَا قَالَهُ فِي الدَّرْسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ.
وَأَقُولُ: فَسَّرُوا الْحَسَدَ بِأَنَّهُ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا الْمُسْتَحِقِّ لَهَا، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِي قَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} [2: 109]، وَفِي سُورَةِ الْفَلَقِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ هُمُ الْيَهُودُ، فَهُوَ لَمْ يُسْنِدِ الْحَسَدَ إِلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ- وَقَدْ سُلِبَ مِنْهُمُ الْمُلْكُ- يَتَمَنَّوْنَ عَوْدَتَهُ إِلَيْهِمْ وَقَدْ كَبُرَ عَلَيْهِمْ أَنْ تَسْبِقَهُمُ الْعَرَبُ إِلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنِ النَّصَارَى يَوْمَئِذٍ يَحْسُدُونَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَمَتِّعُونَ بِمُلْكٍ وَاسِعٍ، وَلَا مُشْرِكُو الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ النُّبُوَّةَ الَّتِي قَامَ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَقٌّ، وَلَا أَنَّهَا تَسْتَتْبِعُ مُلْكًا؛ فَإِنَّ مَنْ ظَهَرَ لَهُ حَقِّيَّةُ الدَّعْوَةِ صَارَ مُسْلِمًا، وَأَمَّا الْيَهُودُ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ مِمَّنْ ظَهَرَتْ لَهُمْ حَقِّيَّةُ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ، وَمَنَعَ الْحَسَدُ بَاقِيَ الرُّؤَسَاءِ أَنْ يُؤْمِنُوا وَتَبِعَهُمُ الْعَامَّةُ تَقْلِيدًا لَهُمْ، وَقَلَّمَا يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ بَعْدَ ظُهُورِهِ لَهُمْ مِثْلُ الْحَسَدِ وَالْكِبْرِ، فَالْحَسُودُ يُؤْثِرُ هَلَاكَ نَفْسِهِ عَلَى انْقِيَادِهَا لِمَنْ يَحْسُدُهُ؛ لِأَنَّ الْحَسَدَ يُفْسِدُ الطِّبَاعَ، وَفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ هُنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ حَسَدُوهُ وَحَسَدُوا قَوْمَهُ الْعَرَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ وَهُمْ أَسْبَقُ إِلَى الْخَيْرِ الَّذِي جَاءَ بِهِ.
وَرَدَ فِي بَعْضِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْآيَةِ أَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ كَكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ لَمْ يَجِدُوا مَطْعَنًا يَقُولُونَهُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا تَعَدُّدَ أَزْوَاجِهِ، وَقِيلَ: حَسَدُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْآيَةُ تَرُدُّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَنْبِيَائِهِمْ كَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ كَانَ لَهُمْ أَزْوَاجٌ كَثِيرَةٌ، كَمَا رَدَّ عَلَيْهِمُ اسْتِبْعَادَهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمُلْكُ فِي غَيْرِ آلِ إِسْرَائِيلَ بِأَنَّهُ تَعَالَى أَعْطَى آلَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْحَاقَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالنُّبُوَّةَ فَضْلًا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ حَقٌّ عَلَيْهِ تَعَالَى، فَكَذَلِكَ يُعْطَى ذَلِكَ لِآلِهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ، وَلَا حَجْرَ عَلَى فَضْلِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْفَضْلُ الْإِلَهِيُّ لَا يَنَالُهُ إِلَّا مَنْ لَهُ سَلَفٌ فِيهِ، فَلِلْعَرَبِ هَذَا السَّلَفُ؛ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى بَاطِلَةٌ وَإِلَّا لَكَانَتْ هَذِهِ الْعَطَايَا قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً وَلَيْسَ الْإِنْسَانُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَلَوْ كَانَ أَزَلِيًّا لَمَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ بَعْضُ فُرُوعِهِ أَزَلِيَّةً، فَإِيتَاءُ اللهِ تَعَالَى بَعْضَ الْبَشَرِ الْفَضْلَ؛ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَحْضِ الِاخْتِصَاصِ وَالِاخْتِيَارِ وَذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى مَشِيئَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَزَايَا وَفَضَائِلَ فِيمَنْ يُعْطِيهِ ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ كُلُّ مَنْ يَكْتَسِبُ مِثْلَ تِلْكَ الْمَزَايَا مُسْتَحِقًّا لِهَذَا الْفَضْلِ، وَالنُّبُوَّةِ وَمُقَدَّمَاتِهَا بِمَحْضِ الِاخْتِصَاصِ.
أَمَّا كَثْرَةُ النِّسَاءِ، لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ كَانَ لِدَاوُدَ مِائَةُ امْرَأَةٍ، وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ سُورَةِ [ص] وَأَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَانَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ امْرَأَةٍ وَسَبْعُمِائَةِ سُرِّيَّةٍ فَكَيْفَ يَسْتَنْكِرُ أَتْبَاعُهُمَا أَنْ يَكُونَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعُ نِسْوَةٍ، وَقَدْ تَزَوَّجَ أَكْثَرَهُنَّ لِحِكَمٍ وَأَسْبَابٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ تَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ مِنَ الْجُزْءِ الرَّابِعِ، وَفِي سِفْرِ الْمُلُوكِ مِنْ كِتَابِهِمُ الْمُقَدَّسِ مَا نَصُّهُ: 11: 1 وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ مُوآبِيَاتٍ وَعَمُونِيَاتٍ وَأَدُومِيَاتٍ وَصَيْدُونِيَاتٍ وَحَثَيَاتٍ مِنَ الْأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلَاءِ بِالْمَحَبَّةِ وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُمِائَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ وَثَلَاثُمِائَةٍ مِنَ السَّرَارِي فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ إِلَى آخِرِ مَا هُنَاكَ مِنَ الطَّعْنِ فِيهِ عليه السلام وَبَرَّأَهُ اللهُ.
{فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ} الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمُقَدَّمُ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: آمَنَ بِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، أَيْ: مِنْ أُولَئِكَ الْيَهُودِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، يُقَالُ: صَدَّ الرَّجُلُ عَنِ الشَّيْءِ إِذَا أَعْرَضَ عَنْهُ، وَيُقَالُ أَيْضًا: صَدَّ غَيْرَهُ عَنْهُ إِذَا صَرَفَهُ عَنْهُ، وَنَفَّرَهُ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَيْ مِنْ آلِهِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ، وَقِيلَ: إِلَى مَا ذُكِرَ مِنْ حَدِيثِ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: إِلَى الْكِتَابِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: يَرْجِعُ الضَّمِيرُ إِلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ وَالْمُلْكِ الْعَظِيمِ، فَأَمَّا الْإِيمَانُ بِالْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَهِيَ مَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ بَيَانِ أَسْرَارِ الْكِتَابِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِالْمُلْكِ فَهُوَ الْإِيمَانُ بِوَعْدِ اللهِ تَعَالَى بِهِ، وَهَكَذَا شَأْنُ النَّاسِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَتَّفِقُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِهِ بَعْضُهُمْ وَيُعْرِضُ عَنْهُ آخَرُونَ.
{وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} أَيْ: نَارًا مُسَعَّرَةً لِمَنْ صَدَّ عَنْهُ وَآثَرَ إِرْضَاءَ حَسَدِهِ وَالْعَمَلَ بِمَا يُزَيِّنُهُ لَهُ عَلَى اتِّبَاعُ الْحَقِّ، فَهُوَ لَا يَزَالُ يُغْرِيهِ بِنَصْرِ الْبَاطِلِ وَمُعَانِدَةِ الْحَقِّ حَتَّى يُدَسِّيَ نَفْسَهُ وَيُفْسِدَهَا وَيَهْبِطَ بِهَا إِلَى دَارِ الشَّقَاءِ وَهَاوِيَةِ النَّكَالِ الْمُعَبَّرِ عَنْهَا بِجَهَنَّمَ وَبِالسَّعِيرِ وَهِيَ بِئْسَ الْمَثْوَى وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا}.
الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ: {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ} وَتَوَعَّدَ مَنْ صَدَّ عَنْهُ بِسَعِيرِ جَهَنَّمَ، ثُمَّ فَصَّلَ هَذَا الْوَعِيدَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} وَنَقَلُوا عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّ سَوْفَ تَأْتِي لِلتَّهْدِيدِ وَتَنُوبُ عَنْهَا السِّينُ وَيَسْتَشْهِدُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ- أَيْ عَلَى سَوْفَ وَبِمَا بَعْدَهَا عَلَى السِّينِ- وَلَكِنْ وَرَدَ دُخُولُ السِّينِ عَلَى الْفِعْلِ فِي مَقَامِ الْوَعْدِ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ: سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ وَالصَّوَابُ أَنَّ السِّينَ وَسَوْفَ عَلَى مَعْنَاهُمَا الْمَشْهُورِ فِي إِفَادَةِ التَّنْفِيسِ وَالتَّأْخِيرِ، وَاشْتُقَّ لَفْظُ التَّسْوِيفِ بِمَعْنَى التَّأْخِيرِ مِنْ سَوْفَ، وَلَكِنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَشْكَلَ التَّسْوِيفَ هُنَا، وَلَوْ نَظَرُوا فِي مِثْلِ هَذَا الْوَعِيدِ لَرَأَوْا أَنَّ حُصُولَهُ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا جِدًّا وَقْتَ نُزُولِ الْآيَةِ بِهِ، عَلَى أَنَّ لِلتَّرَاخِي وَالْبُعْدِ مَعْنًى آخَرَ بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الْمَقَامِ فِي الْخِطَابِ، فَإِذَا نُظِرَ إِلَى حَالِ الْمَغْرُورِينَ- بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ وَعِزَّةٍ- الَّذِينَ صَرَفَهُمْ غُرُورُهُمْ وَطُغْيَانُهُمْ بِعِزَّتِهِمْ عَنِ النَّظَرِ فِيمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَصَدُّوا عَنْهُ اسْتِغْنَاءً بِمَا هُمْ فِيهِ، يَرَاهُمْ بِهَذَا الْغُرُورِ بُعَدَاءَ جِدًّا عَنْ تَصَوُّرِ الْوَعِيدِ وَالتَّفْكِيرِ فِيهِ، فَيَكُونُ هَذَا التَّسْوِيفُ مَرْعِيًّا فِيهِ حَالُهُمْ لِيَتَفَكَّرُوا فِي مُسْتَقْبَلِ أَمْرِهِمْ.
أَقُولُ: قَدْ تَرَكْتُ هُنَا فِي مُذَكِّرَتِي الَّتِي كَتَبْتُهَا فِي دَرْسِهِ بَيَاضًا بِقَدْرِ ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: تُصَوِّرُ الْوَعِيدَ وَالتَّفْكِيرَ فِيهِ، وَلَا أَذْكُرُ مَاذَا كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ فِيهَا وَلَا يَظْهَرُ لِي الْآنَ وَجْهُ اسْتِشْكَالِ التَّأْخِيرِ، وَالْوَعِيدُ إِنَّمَا هُوَ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ التَّسْوِيفَ فِيمَا هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَقَدِ ابْتَدَأَ الْآيَةَ بِذِكْرِ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيَعْلَمَ أَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ لَيْسَ خَاصًّا بِأُولَئِكَ الْكُفَّارِ مِنَ الْيَهُودِ، وَالْمُرَادُ بِآيَاتِ اللهِ هُنَا مَا يَدُلُّ عَلَى حَقِّيَّةِ دِينِهِ مُطْلَقًا، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْقُرْآنُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا؛ لِأَنَّهُ أَدَلُّ الدَّلَائِلِ وَأَظْهَرُ الْآيَاتِ وَأَوْضَحُهَا، ونُصْلِيهِمْ نَارًا مَعْنَاهُ نَجْعَلُهُمْ يَصْلَوْنَهَا، أَيْ: يَدْخُلُونَهَا وَيُعَذَّبُونَ بِهَا [رَاجِعْ بَحْثَ الصَّلْيِ وَالْإِصْلَاءِ فِي ص323 ج4 ط الْهَيْئَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْكِتَابِ].
{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ: نُضْجُ الْجُلُودِ هُوَ نَحْوُ نُضْجِ الثِّمَارِ وَالطَّعَامِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ فَقْدِ التَّمَاسُكِ الْحَيَوِيِّ، وَالْبُعْدِ عَنِ الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا تَتَبَدَّلُ لِأَنَّ النُّضْجَ يُذْهِبُ الْقُوَّةَ الْحَيَوِيَّةَ الَّتِي بِهَا الْإِحْسَاسُ، فَإِذَا بَقِيَتْ نَاضِجَةً يَقِلُّ الْإِحْسَاسُ بِمَا يَمَسُّهَا أَوْ يَزُولُ؛ لِذَلِكَ تَتَبَدَّلُ بِهَا جُلُودًا حَيَّةً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ لِأَنَّ الذَّوْقَ وَالْإِحْسَاسَ يَصِلُ إِلَى النَّفْسِ بِوَاسِطَةِ الْحَيَاةِ فِي الْجِلْدِ، وَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِتَبْدِيلِ الْجُلُودِ دَوَامُ الْعَذَابِ، فَالْكَلَامُ تَمْثِيلٌ أَوْ كِنَايَةٌ عَنْ دَوَامِ الْإِحْسَاسِ بِالْعَذَابِ، فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُزِيلَ وَهْمًا رُبَّمَا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا يَعْهَدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ أَنَّ الَّذِي يَتَعَوَّدُ الْأَلَمَ يَقِلُّ شُعُورُهُ بِهِ وَيَصِيرُ عَادِيًّا عِنْدَهُ، كَمَا نَرَى مِنْ حَالِ الرَّجُلِ تُعْمَلُ لَهُ عَمَلِيَّةٌ جِرَاحِيَّةٌ وَتَتَكَرَّرُ، فَإِنَّهُ فِي الْمَرَّةِ الْأَوْلَى يَتَأَلَّمُ أَلَمًا شَدِيدًا، ثُمَّ لَا يَزَالُ التَّأَلُّمُ يَخِفُّ بِالتَّدْرِيجِ حَتَّى نَرَاهُ لَا يُبَالِي، وَهَكَذَا نُشَاهِدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْآلَامِ وَالْأَمْرَاضِ الَّتِي يَطُولُ أَمْرُهَا.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ نُضْجَ الْجُلُودِ مِنَ الْعَذَابِ- إِنْ كَانَ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا- يَكُونُ هُوَ أَثَرُ لَفْحِ النَّارِ بِسَمُومِهَا لِأَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [23: 104]، وَمَتَى لُفِحَ الْجِلْدُ مِرَارًا يَبْطُلُ إِحْسَاسُهُ وَيَنْفَصِلُ عَنِ الْبَشَرَةِ وَيَتَرَبَّى تَحْتَ جِلْدٍ آخَرَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي الدُّنْيَا.
ثُمَّ تَكَلَّمَ الْأُسْتَاذُ عَنِ اسْتِشْكَالِ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ لِتَعْذِيبِ الْجُلُودِ الْجَدِيدَةِ مَعَ أَنَّ الْعِصْيَانَ لَمْ يَكُنْ بِهَا، وَلَمْ أَكْتُبْ مَا قَالَهُ وَلَا أَتَذَكَّرُهُ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْجَوَابِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَدَلَ يَكُونُ عَيْنَ الْأَصْلِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي مَادَّتِهِ، وَغَيْرَهُ فِي صُورَتِهِ، وَهَذِهِ سَفْسَطَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَذَكَرَ الرَّازِيُّ بَعْدَ هَذَا الْجَوَابِ جَوَابًا ثَانِيًا: وَهُوَ أَنَّ الْمُعَذَّبَ هُوَ الْإِنْسَانُ وَذَلِكَ الْجِلْدُ مَا كَانَ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّتِهِ بَلْ هُوَ كَالشَّيْءِ الزَّائِدِ الْمُلْتَصِقِ بِهِ، وَثَالِثًا: وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجُلُودِ السَّرَابِيلُ، قَالَ: وَطَعَنَ فِيهِ الْقَاضِي بِمُخَالَفَتِهِ لِلظَّاهِرِ، وَرَابِعًا: هُوَ أَنَّ هَذَا اسْتِعَارَةٌ عَنِ الدَّوَامِ وَعَدَمِ الِانْقِطَاعِ، قَالَ: كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يُرَادُ وَصْفُهُ بِالدَّوَامِ: كُلَّمَا انْتَهَى فَقَدِ ابْتَدَأَ، وَكُلَّمَا انْتَهَى إِلَى آخِرِهِ فَقَدِ ابْتَدَأَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} يَعْنِي كُلَّمَا ظَنُّوا أَنَّهُمْ نَضِجُوا وَاحْتَرَقُوا وَانْتَهَوْا إِلَى الْهَلَاكِ أَعْطَيْنَاهُمْ قُوَّةً جَدِيدَةً مِنَ الْحَيَاةِ بِحَيْثُ ظَنُّوا أَنَّهُمُ الْآنَ حَدَثُوا وَوُجِدُوا، فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ دَوَامَ الْعَذَابِ وَعَدَمَ انْقِطَاعِهِ، انْتَهَى تَصْوِيرُهُ لِهَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يُوَافِقُ مَا اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ فِي الْعِبَارَةِ وَرَأَيْتُ أَنَّهُ صَوَّرَهَا بِمَا هُوَ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا التَّصْوِيرِ إِلَى الْعَقْلِ وَاللَّفْظِ، وَذَكَرَ الرَّازِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ وَجْهًا خَامِسًا وَرَدَّهُ لِظُهُورِ بُطْلَانِهِ.
وَقَدْ رَدَّ الْأَلُوسِيُّ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِمَّا لَا يَكَادُ يَسْأَلُهُ عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِصْيَانَ الْجِلْدِ وَطَاعَتَهُ وَتَأَلُّمَهُ وَتَلَذُّذَهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنِ سَائِرِ الْجَمَادَاتِ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ الْإِدْرَاكِ وَالشُّعُورِ، وَهُوَ أَشْبَهُ الْأَشْيَاءِ بِالْآلَةِ؛ فَيَدُ قَاتِلِ النَّفْسِ ظُلْمًا مَثَلًا آلَةٌ لَهُ كَالسَّيْفِ الَّذِي قَتَلَ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِأَنَّ الْيَدَ حَامِلَةٌ لِلرُّوحِ وَالسَّيْفُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَصْلُحُ وَحْدَهُ سَبَبًا لِإِعَادَةِ الْيَدِ بِذَاتِهَا وَإِحْرَاقِهَا دُونَ إِعَادَةِ السَّيْفِ وَإِحْرَاقِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَمْلَ غَيْرُ اخْتِيَارِيٍّ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى النَّفْسِ الْحَسَّاسَةِ بِأَيِّ بَدَنٍ حَلَّتْ وَفِي أَيِّ جَسَدٍ كَانَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي النَّعِيمِ. اهـ.
وَقَدْ أُيِّدَ هَذَا الرَّأْيُ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي كِبَرِ أَجْسَادِ أَهْلِ الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْلَا مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ بِحَيْثُ صَارَ إِنْكَارُهُ كُفْرًا لَمْ يَبْعُدْ عَقْلًا الْقَوْلُ بِالنَّعِيمِ وَالْعَذَابِ الرُّوحَانِيَّيْنِ فَقَطْ، وَلَمَا تَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَقْلًا عَلَى إِثْبَاتِ الْأَجْسَامِ فِعْلًا، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ هَذَا أَنِّي أَقُولُ بِاسْتِحَالَةِ إِعَادَةِ الْمَعْدُومِ مَعَاذَ اللهِ تَعَالَى، وَلَكِنِّي أَقُولُ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَى إِعَادَتِهِ وَإِنْ أَمْكَنَتْ، وَالنُّصُوصُ فِي هَذَا الْبَابِ مُتَعَارِضَةٌ، فَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إِعَادَةِ الْأَجْسَامِ بِعَيْنِهَا بَعْدَ إِعْدَامِهَا، وَمِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِ مِثْلِهَا وَفَنَاءِ الْأُولَى، وَلَا أَرَى بَأْسًا- بَعْدَ الْقَوْلِ بِالْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ- فِي اعْتِقَادِ أَيِّ الْأَمْرَيْنِ اهـ، وَلَهُ الْحَقُّ فِي رَدِّ الْإِيرَادِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَقَلَّ فِي بَعْضِ الْقَوْلِ وَقَلَّدَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي بَعْضٍ آخَرَ كَإِعَادَةِ الْمَعْدُومِ، وَلِهَذَا الْبَحْثِ مَوْضِعٌ آخَرُ نُحَرِّرُهُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ النَّفْسَ هِيَ الَّتِي تَذُوقُ الْعَذَابَ كَلِمَةُ {لِيَذُوقُوا} وَلَمْ يَقِلْ لِتَذُوقَ أَيِ الْجُلُودُ.